((أحوال وأقوال ورضا الناس محال))
أقولُ وَ أبكي للزمانِ وحالِيا = سَلامٌ على الدنيا فـَعَمَّتْ مَساوِيا
وقدْ بيعَتْ الاوطانُ والقدسُ للعدا = وأرْذلُ مَنْ في الارضِ أصبحَ واليا
وكان حياءُ الناس ِ مِنْ قبلُ رادعاً = ذنوباً غدتْ هذا الزمان علانيا
وَ عاثت بقدسِ المسلمين حـُثالـَة ٌ= ومِنْ سوء حظي كان هذا زمانيا
فقلبي حزين حين ينظرُ شَطـْرَها = وليس سوى الرحمن يعلمُ مابيا
جيوشٌ مِنَ الاعراب لم تحصِ عَـدَّها = لتحميَ حكاماً لها وزبانيا
اذا كان حراسُ البلاد لصوصَها = فلا غـَرْوَ أنْ تلقى البلاد الـدَّواهيا
وانْ كانَ رأس الحكم للشعب خائنا = فلا خير في شعب يُحَـكِّمُ باغيا
فَـأعْدادُنا مِثلُ الجرادِ ومالـُنا = فما بالُ نَصْر الله لم يَبْدُ آتيا
ألم ترَ أن الله لم يُؤْتِ نصرَهُ = لأقـْوام سوء قد أباحوا المعاصيا
ولم ينصروا الاسلام دينَ محمدٍ = ولم يعبدوا الا الدنا و الغوانيا
ألم تر أن الله ينصر جندهُ = اذا كان هذا الجيش في الله غازيا
ألا فانظروا نحو العراق بعزة = بشائرُ نصر قد أحاطت عراقيا
فجاء عدو الله في عـَنـْجَهيَّةٍ = سيرجع مخذولا باذن الهيا
فلا تحسبنَّ الله مُخلف وعدهِ = اذا جاء نصر الله كان ثوانيا
غريبُ زماني أنْ ترى اللهو غالبا = وأحـْوالنا ليست توافق لاهيا
اذا كنت تلهو والظروف عصيبة ٌ = فعقلك طفل قد أحَبَّ الملاهيا
الى اللهو والالعاب تلقى تنافساً = عن الدين و الاخلاق تلقى تنائيا
فعند مباراة جُموعٌ غفيرةُ = ولكنْ لخير لا ترى متباريا
وَأغـْرَبُ عَيـْنـِي مارأت أنّ نسوة ً = تُخالط ُ عـُمّالاً تَوّدُّ التساويا
وتصبح تقضي اليوم في اي مصنع = وقد سببت أعْمالهنَّ المَخازيا
وَيُمْحَقُ مالٌ قد جَنَتـْهُ وجُرْمُها = سَيُكـْتَبُ عند الله حتى يُجازيا
فإن أُرْغِمَتْ بعض النساء لحاجة = فبالشرع فلتعمل وَ أَلا ّ تَـنافـِيا
وأفضل اعمال النساء لو اهتدت = تهذب أبناء لها و جواريا
زمان أرى فيه النساء ترجـَّلـَتْ = وتغلبُ شيطاناً و تفتنُ داعيا
و منهن مسك لا تشم نظيرهُ = لقد أنشأتْ جيلا يغيظ الاعاديا
فيا أمة الاسلام لا تتنازعوا = فبالدين وُ حِّدْتُمْ وَ صِرْتُمْ سَواسيا
لقد أجمعوا حرباً علينا بغيضة ً = فكونوا لدين الله حصنا وِقائيا
ولا تيأسوا والحال فيه تـَقـَلُّبٌ = وَيَقـْدِرُ ربي أنْ يَرُدَّ العواديا
فكُلُّ عسيرٍ بعدهُ اليُسرُ قادمٌ = فيغلبُ يُسران العسيرَ الأ ُحاديا
وكل فساد قد يزول وينقضي = اذا أصلح الناس القلوب القواسيا
وأحوالنا ليست على الله صعبة ً = اذا قال كـُنْ للشيء كان مُواتيا
وما مرض الا سيبدو دواؤُهُ = ولكنْ بأمر الله إن كان شافيا
وما نكبة ٌ إلا قريبا ً ستنتهي = وليسَ سوى الرحمن ِ يُنْهي البلاويا
ومن كان يدعو الله من كل قلبه ِ = فسوف يجيب الله من كان داعيا
ومن يعتصمْ بالله فيما يريدهُ = حماه الذي يُرسي الجبال الرواسيا
إذا لم يُعَطــِّرْ قَوْلَنا ذِكْرُ ربنا = خسرنا الذي قـُلـْنا وساءت قوافيا
وما مجلسٌ لم يَذْكُرْ اللهَ أهلُهُ = فَحَسْرَتُهُمْ كبرى بيوم التلاقيا
سئمتُ حياةً لا أرى الدينَ حاكماً = ولكنْ أرى حُكْمَ الجهالةِ عاليا
وذو خُلـُق ٍ في ذا الزمان مُعَيـَّرٌ= وأصبح ذو الوجهين في الناس داهيا
ويخدعك الإعجابُ في المرءِ ظاهراً = تـَظـُنُّ به خيراً فيبدو مُرائيا
أخذتُ أ ُسيئُ الظنَّ والأصلُ حسْنُهُ = ولكنْ ضَروراتٌ تُبيحُ النَّواهيا
فما كل من شَدَّ الرِّحال بزائر ٍ = ولا كل من صلى يكون مُناجيا
وما كُـلُّ من أكرمتهُ لك مُكْرمٌ = ولا كُـلُّ من صافيْتـَهُ كان صافيا
وما كُـلُّ مَنْ عاهدْتَ يوفي بعهدهِ = ولا كل من أرشدْتَ كان مُباليا
رضا الناس لا تَأملْ فـَصعبٌ مَنالـُهُ = ويكفيك رب الناس تلقاه راضيا
ولو هـَمَّ من في الارض ضـَرَّكَ لا تخفْ = فمنْ يَغـْلبْ الجبـَّارَ ما دام حاميا
وهيهات تُرضي الناس في أيِّ حالةٍ = فان كنتَ مسرورا رأيتَ البَواكيا
وان كنت في حـُزْنٍ يقولون ما جرى = وَظـَنّوكَ تَمثيلا بما كنت باديا
وان كنت ذا قلب رحيم ٍ مُسامِح ٍ = لقالوا ضعيف ليس يَغـْلِبُ عاديا
ومن كان ذا مال مؤدٍ حُقوقـَهُ = لقالوا مُراءٍ ليس لله باغيا
وإنْ كان ذا نُصْح لظنوه كاذبا ً = وإنْ كان ذا صمت لظنوه خاويا
وإنْ كان للدين الحنيفِ ملازماً = لظنوه رَجْعِيَّاً وَيُرْهِبُ راقيا
وإنْ كان مهما كان ظـََنُّوا بـِضِدِّهِ = فَأنَّى لمرضى القلب تلقى المُداويا
يداويهم الجَبَّار في النار إنَّهم = ذ َوو صَلـَفٍ والنارُ تـَشفي العَواتيا
إذا كنت ترجو الله فاعمل لوجههِ = ولا تبغ غير الله إنْ كنت ناويا
بأخلاقك الفـُضلى وصِدق عقيدةٍ = وأعمالك الحسنى تكون المِثاليا
حياةُ مَشَقـّـاتٍ قضيتُ من الصِّبا = فمُذ ْ كُنتُ مولودا حُر ِمْتُ بلاديا
فلسطين لا أرضى بغيرك موطناً = وَأُقسمُ كل الارض غيرَكِ آبــيــا
وان ساوموني فيك لست ببائع = وَأُرْخِصُ مالَ الأرض ِ بَلْ وَحياتيا
وإنْ أخرجوني منك إنّي لعائدٌ = ولو مِتُّ أبقى في ثرى الطهرِ ثــاويــا
وَمِنْ عجب الدنيا لمن باع أرضهُ = لأعْدى عدوٍ ثم كان مــوالـيـا
فديني وَعِرْضي لَنْ افرِّط َ فيهما = و ثالثها الأوطان أثمن ماليا
فلوْ خَيَّروني بين ديني وموطني = فأختار ديني غيره لنْ يضاهيا
إذا ضاع دينُ المرْءِ ضاعت بلادهُ = وتبقى له الأوطان مادام باقيا
تُذ َكِّرُني أُمي وفي العين عَبْرَة ٌ = سقى الله أياما هناك خواليا
لقد اكرهونا أن نغادر أرضنا = خرجنا بلا شيئ وقد كنتُ حافيا
وما أصعب الأيامَ إبَّانَ هِجْرَةٍ = حَمَلْتـُكَ في بطني أعاني مَخاضيا
فكم من شهيد قد تركناه خلفنا = ولم أنس منهم من عرفت وجاريا
وأسمع اصوات القنابل حولنا = لتقتل طفلا في الطريق وفانيا
وقد أوْثقوا بعض الرجال وثاقهم = و أعدمهمْ جند اليهود أماميا
و لم أنس مفتاحا يُلوحه أبي = يقول سيأتي اليوم أرجع ثانيا
و مات أبي و الأم تـَتْبَعُ بعدهُ = وما مات ظني أن أنال مُراديا
وما مات من يبقى ينادي لِحَقـِّهِ = وان لم يُجبْ هذا العدو مناديا
ومن لم يـَلـِنْ بالحسن لانَ بضدهِ = بغير جهاد لن ننال الأمانيا
ولن يرضخ الأعداء إلا بقوةٍ = وحتى يَرَوْا نهرا من الدم جاريا
فلا بد يوما لا مَحالَة َ قادمٌ = يُزيلُ عن المظلوم تلك المآسيا
ودنيا بما فيها جناح بعوضةٍ = فَأعْجَبُ ممن قد أحبّوا المَلاريا
فما أكثر الساعين فَجْراً إلى الدنا = قليلٌ صلاة الفجر تلقاه ساعيا
ويفرح بعض الناس في همِّ غيرهِ = أترضى سرور الناس إِنْ كنتَ باكيا
إذا كنتَ يوما في المصائب شامتاً = ستأتي لك الأحزان تبقيك شاكيا
اذا أنت لم ترحم أخاك بمحنةٍ = فلن يرحمَ الرحمنُ مَنْ كان قاسيا
تَعَلـَّمْ من الأيام لا تبقَ جاهلاً = فإنَّ صُروفَ الدهر توقظ ساهيا
تَعَلـَّمْ من الأيام إنْ كنت َمُخطئاً = فليس اخو الإيمان يُلدَغُ ثانيا
على الرزق لا تحزن إذا كنت مؤمنا = وَدُمْ ذاكراً لله لا تك ناسيا
ومن شك أنَّ الله للرزق ضامنٌ = فإيمانه لا شك قد كان واهيا
وان كان موت المرء لله أمرهُ = فان هروب المرء لم يك واقيا
فأقدمْ ولا تَجْبُنْ لنيل شهادةٍ = وجاهر بقول الحق لا تخش قاليا
زمان يعيش الناس فيه بِحَيْرَةٍ = فَلَسْتَ ترى أمنا ولا الرزق كافيا
كماشيةٍ ترعى بأرضٍ غريبةٍ = وضَلَّتْ بمرعاها وتفقد راعيا
الهي فهذا الحال انك قادرٌ = فهيئ لنا خيرا وَأسَْعِدْ فؤاديا
ولستُ لنفسي من ذنوبي مبرئاً = ولكنني ارجوك يوم حسابيا
ومهما عبدتُ الله إني مقصرٌ = فنعمة ُ إبصاري بها لن أوازيا
الهي أُعادي فيك من كان عاصياً = ولو كان أدنى الأقربين وَآلِيا
سألتك من أعماق قلبي محبة = فلا هَـمَّ يبقى إن قبلتَ رَجائيا
على كل حال لست عنك بغافل = اذا كنتُ بين الناس أو كنتُ خاليا
ويا عَالـِمَ الأحوالِ ها هو حالُنا = فَعَجّلْ بنصرٍ لا تـَرُدَّ دُعائيا
وما قلتُ قولاً أو نصحتُ نصيحة ً = فأصْلِحْ بها نفسي وَطـَهِّـْر لِسانيا