لعَدلُ يُظلَمُ والفَضائلُ تُكْلَمُ
وزمانُنا فِيهِ الفُسوقُ يُعَلَّمُ
وَمكارمُ الأخْلاقِ يُهتَكُ عِرضُها
وفَسادُنا أَمسَى يُعَزُّ ويُكرَمُ
ومَناصبٌ أَضحَى النِّفاقُ سَبِيلَها
إنْ لَم تُنافقْ قَد تَهُونُ وتُظلَمُ
ومَكائدٌ صارَتْ تُحاكُ لِدِينِنا
نَهشَتْ عقِيدَتنا الكِلابُ الحُوَّمُ
والكُفرُ في الفُرشاةِ يهتِكُ سِترَها
لَوحاتُهمْ بالكُفرِ تُصبَغُ، تُرسَمُ
وجِماعُ أقلامٍ لشَرِّ مَحابرٍ
فنِتاجُهُ كلِماتُ فِسقٍ تَحرُمُ
وجرائدٌ صَفراءُ يَنضَحُ غَيُّها
والفُجْرُ فِيها سابِقٌ ومُقَدَّمُ
وقصائدٌ تدْعُو لكُلِّ رَذِيلةٍ
كَلِماتُها لَبِناتُ شرٍّ تُنْظَمُ
وخَواطرُ الشُّعَراءِ تَهذِي بِالخَنا
أشْعارُهمْ تَضعُ الفَضائلَ، تَهدِمُ
عَجباً لأَمرِ الخَلقِ! كَيفَ يَرُوقُهمْ
رِيحُ المَعاصِي أو يَطِيبُ المَغرَمُ؟
وتملُّقٌ مَلأَ الحناجِرَ فَاعتَرَى
آذانَنا بِمَدِيحِ قَولٍ يُسْأمُ
ورُوَيبِضٌ ملأَ الفضاءَ سَفاهةً
في كلِّ أَمرٍ لَم يزَلْ يتكلَّمُ
ولِسانُهُ في كُلِّ سُوءٍ قَد سعَى
ويَذُوقُ مِن فُحشِ الكَلامِ ويَأثَمُ
ورِباً دعَوهُ فَوائداً مَشرُوعةً
وحُقوقُنا أضْحَتْ تُرامُ وتُهضَمُ
ودَعارةٌ بالفَنِّ تُعرَفُ بَينَهُمْ
وفُنونُهمْ صارَتْ تُصانُ، تعَظَّمُ
وعلَى الإلهِ المُلحِدونَ تجَرَّؤوا
وعَليهِمُ الرَّحمنُ يَصبِرُ، يَحْلُمُ
وتَديُّنٌ قدْ قِيلَ عَنهُ: تشَدُّدٌ
كذَبُوا وأَوحَوا لِلعُقُولِ وأَوهَمُوا
كَم أرجَعُوا لِلدِّينِ كُلَّ نَقِيصَةٍ
والدِّينُ رِفعَتُنا، فمَن ذا يَفهَمُ؟
وإذا رَأَيتَ الدِّينَ يَعلُو صَوتُهُ
فَتَراهُمُ وكَأَنَّ ذاكَ المَأْتَمُ
وإذا شَرِيعَةُ ربِّنا قَد حُكِّمَتْ
هاجُوا كأَنَّ النَّارَ فِيهِمْ تُضرَمُ
واسْتَرسَلُوا في ذا العَدَاءِ، وأَشْعَلُوا
نارَ الضَّغائنِ في الصُّدُورِ فَأَجرَمُوا
وتَفَلُّتٌ قدْ أَعلَنُوهُ تحَرُّراً
ودُعاتُهُ في كُلِّ شرٍّ قُوَّمُ
نَصَبُوا شِراكَ ضَلالِهمْ لِشَبابِنا
مدُّوا مَوائدَهُمْ علَيهِ وأَولَمُوا
وحِجابُنا قالُوا علَيهِ: تَخلُّفٌ
والعُريُ قالُوا: نَهضَةٌ وتقَدُّمُ
وعِراقُنا فيهِ الدِّماءُ رَخِيصةٌ
ونُواحُ أَطفالٍ بغَزَّةٍ يُتِّمُوا
كمْ قُتِّلُوا باسمِ العَدالَةِ واشْتَكَوا
أنَّ الذَّبِيحَ بِجُرحهِ يتأَلَّمُ
ومَنابرٌ باتَتْ تَخُونُ وتَفتَرِي
مِن أَجلِ دُنيَا بِيعَ دِينٌ قيِّمُ
عُلماؤنا شَرِبُوا الهَوانَ وأُسكِتُوا
والجَاهلُونَ بكُلِّ نادٍ كُرِّمُوا
زَمنٌ العَجائبِ لَم يزَلْ يُبدِي لَنا
في كلِّ يَومٍ ما يَغُمُّ ويُؤلِمُ
وحَياتُنا قد عزَّ فِيها سَعدُنا
ونَعِيمُنا بالحُزنِ صارَ يطَعَّمُ
واللهِ - رَغمَ اللَّيلِ - لَستُ بِيائسٍ
فالنُّورُ آتٍ لا مَحَالةَ قادِمُ
خَيرُ الشَّمائلِ لَم تزَلْ مَحفُوظةً
في أُمَّةِ المُختارِ دَوماً، فاعْلَمُوا
وغَداً يدُورُ الخَيرُ في أَفلاكِهِ
مِن بَعدِ ذاكَ الشَّرِّ كَي لا تَألَمُوا
ويَعودُ للدُّنيَا رَبيعٌ غَائبٌ
وتهُبُّ في وهَجِ الحَياةِ نَسائمُ
وعَبيرُ نَصرِ اللهِ سَوفَ يَعُودُنا
بضِيائهِ سَيُضيءُ قَلبٌ مُظلِمُ
وجَمالُ نُورِ الصُّبحِ بَعدَ عُزُوفهُ
عَن ذِي البِلادِ تَراهُ فِيها يَقْدَمُ
وقُلُوبنا سَتُعانِقُ الأَفراحَ بَعْ
دَ رَحِيلِها وَيَحِينُ فَجرٌ يبْسِمُ
ويَعُودُ لِلوَجهِ الصَّبوحِ بَهاؤُهُ
وتَلُوحُ فيهِ مَباهِجٌ وتَبسُّمُ
ويَعودُ للشَّمسِ الحَزينةِ نُورُها
وشُعاعُها بالدِّفءِ حَتماً يَنعَمُ
وتَعُودُ للشِّعرِ العَبُوسِ مَزاهرٌ
فيذُوبُ قَلبِي مِن صَداهُ وَيُلْهَمُ
هذا أَوانُ الحقِّ دَقَّ طُبولَهُ
والعَدلُ جاءَ لِيَستَقِيمَ المَنسِمُ
فمَتى تُواتِي - يا زَمانُ هَناءنَا -
فلقدْ دَعوتُ وَكمْ يُجِيبُ المُنعِمُ
رابط الموضوع:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]